هل يجب ان يفشل رائد الاعمال حتى يتعلم؟
بواسطة محمود حازم
ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو جملة قيلت اثناء الحلقة النقاشية التى انعقدت في فعالية العرض الخاص لفيلم Something Ventured.
اثناء الحلقة النقاشية قام احد المتحدثين بقول: “لا تخجل من الفشل”.
حسناً، اوافقه الرأي. هل يجب ان تخجل من الفشل؟ لا اظن ذلك. كإنسان انت تختبر الصواب و الخطأ في قراراتك و تباعاً النجاح و الفشل، لذا من الطبيعي ان يكون اياً منا معرض للفشل سواء في ابسط الاشياء او اكثرها اهمية. لكن من المهم ان ندرك عواقب هذا الفشل و ان لا نعتبره امراً عادياً او طبيعياً او قيمة تعليمية لنحاول قدر الإمكان ان نتجنبه.
ما سبق تحديداً يجعلني بصدد مناقشة امر الفشل لرائد الاعمال و موضوع التعلم من الفشل!
في العديد من الفعاليات و النقاشات لا انفك اسمع عبارات مثل
“Fail early, fail often”
“Fail quickly, scale fast” (انا مهتم بالجزء الاول فقط من العبارة).
متواكبة مع احصائيات فشل الشركات الناشئة، 80 بالمائة من الشركات الناشئة تفشل في اعادة عائد على الاستثمار، 20 شركة ناشئة من كل 200 شركة تحصل على استثمار، 4 فقط من كل 20 شركة ناشئة استثمرت بها شركة رأس مال مخاطر تنجح، يأتي هذا مع محاولة التقليل من شأن الفشل و كيف ان الفشل يجعلك تتعلم من اخطائك!
مع كل هذا التشجيع الغير مباشر على الفشل لابد لرائد الاعمال ان يبدأ في الاعتقاد ان فشله امر عادي و طبيعي و ربما حتمي! و انها خطوة في طريقه للتعلم.
لحظة واحدة، في حين ان كل الاحصائيات السابقة صحيحة لكن لا ينبغي ان تؤمن بها انت ايضاً. ما الذى يجب ان تمثله لك؟ ببساطة مثلما نجاح الآخرين هو خاص بهم كذلك فشل الآخرين خاص بهم ايضاً. فشل شخص آخر لا يعني بالضرورة فشلك، لا يجب ان تكون مشكلتك عدم قدرة شخص آخر معرفة رغبات عملائه او بناء منتج جيد لهم او عدم قيامه بإلقاء فكرته بشكل صحيح للمستثمرين او وضعه لتوقعات مالية غير واقعية لشركته الناشئة.
دعونا نتطرق الى التعلم من الاخطاء؟ ما الذى تتعلمه من ارتكابك للأخطاء؟ قد تتعلم ما الذى لا يجب عليك القيام به مجدداً لكن كيف سيفيدك هذا في شركتك الناشئة التالية؟ مازلت لم تتعلم ما الذى ينبغي عليك القيام به للوصول للنجاح.
على العكس في حالة النجاح، فعند نجاحك في شركتك الناشئة الاولى فقد حصلت على المعرفة لإنجاح الامر و هي ما يمكنك استخدامه لإنجاح شركتك الناشئة التالية.
الفشل ليس شرطاً او محطة مسبقة للنجاح. وفقاً لورقة عمل تم اعدادها بواسطة فريق في كلية الأعمال في جامعة هارفرد، رواد الاعمال المتسلسلين ممن نجحوا في شركاتهم الناشئة الاولى لديهم فرصة نجاح في شركاتهم الناشئة الثانية بنسبة 34% بينما رواد الاعمال ممن فشلوا في شركاتهم الناشئة الاولى فإن فرص نجاحهم في شركاتهم الناشئة الثانية هي 23% مشتركين مع رواد الاعمال للمرة الاولى بنفس النسبة.
اي ان رواد الاعمال الذى فشلوا من قبل مثلهم مثل رواد الاعمال للمرة الاولى لديهم نفس فرص النجاح بشكل متساوي، بمعنى آخر، الفشل لم يعطهم خبرة تميزهم عن الاشخاص الذى لم يخوضوا التجربة بالاساس.
اذاّ، هل يجب ان يفشل رائد الأعمال حتى يتعلم؟ قطعاً لا.
من المهم ايضاً – في رأيي – ان يتوقف دعاة ريادة الاعمال، المرشدون و الناصحون، المستثمرين الافراد او الرأسماليين المخاطرين عن التهوين من امر الفشل و الضغط على فكرة التعلم من الاخطاء عند تحدثهم مع رواد الاعمال خصوصاً انهم اول من سيتذكروا هذا الفشل لرائد الاعمال عند التعامل معه مجدداً.
الخلاصة:
نعم لا تخجل من الفشل لكن بدلاً من ذلك اغضب من فكرة الفشل، قاومها، و لا تعتبرها امراً عادياً. لا تعتقد ان الفشل يعلمك ما تحتاجه للنجاح او لابد لك من اختباره اولاً حتى تصل للنجاح، في حقيقة الامر هو لا يزيدك خبرة عن من لم يقم بالامر من قبل.
صحيح، غالبا الفشل لا يقود إلى اكتشاف الطريق الصحيح بقدر ما يقود فقط إلى اكتشاف الطريق الخاطئ الذي لا يجب إتباعه مرة أخرى.
لا يصبح الفشل مفيدا إلا حين كون جزءًا من تجربة ذات ضوابط علمية، تقوم على افتراضات محددة يجب التحقق منها.
بالنسبة لعبارة “Fail early” غالبا ما تفهم خطئًا. ليس المقصود منها أنه يجب أن تفشل بسرعة ولا أن تعتبر الفشل نهاية محتومة، بقدر ما تعني أن الفشل بعد إطلاق المشروع بشهر، مثلا، أفضل من الفشل بعد عام من البدء في المشروع. وما ترمي إليه هذه العبارة هو تحفيز رواد الأعمال على المبادرة دون خوف وتنفيذ أفكارهم بسرعة ثم تحديثها بالمواكبة مع متطلبات السوق، عوض استغراق وقت طويل في التنفيذ ثم حين يخرج المشروع لا يجد سوقا مناسبا، أو المعاندة والإصرار على أن الفكرة “عبقرية” يجب مواصلة تنفيذها حتى وإن لم يستخدم المنتج أحد.
اوافقك تماماً صديقي محمد
بخصوص عبارة “Fail early” نحن مدركان لمعناها على عكس رواد الاعمال للمرة الاولى الذين قد يفهموها بشكل خاطئ كما ذكرت انت، لهذا افضل عدم استخدامها و استخدام بدائل لا تشجع على الفشل من قريب او بعيد، كأن نقول مثلاً “اطلق مبكراً” بدلاً من “افشل مبكراً”.
شكراً لإثرائك التدوينة برأيك.